للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال العلامة العيني: " ومراده (أي بهذه الترجمة) الاستدلال على أن البلوغ ليس شرطاً في التحمل " (١) .

ومن المحدثين من قيده بخمس سنين. قال ابن الصلاح - رحمه الله -:

" والتحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث من المتأخرين والذي ينبغي في ذلك أن يعتبر في كل صغير حاله على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعاً عن حال من لا يعقل فهماً للخطاب ورداً للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه، وإن كان دون خمس. وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين " (٢) .

وقال الذهبي (ت ٧٤٨هـ) - رحمه الله -: " واصطلح المحدثون على جعلهم سماع ابن خمس سنين سماعاً، وما دونها حضوراً، واستأنسوا بأن محموداً عقل مجة، ولا دليل فيه، والمعتبر إنما هو أهلية الفهم والتمييز " (٣) .

وما اختاره ابن الصلاح والذهبي - رحمهما الله - هو المختار إن شاء الله، وعليه يدل صنيع الإمام البخاري في صحيحه فقد أخرج أحاديث مجموعة من الصحابة ممن تحملوا في صباهم كابن عباس، ومحمود بن الربيع، وأنس بن مالك، والنعمان بن بشير، وعائشة، ونحوهم وهؤلاء سمعوا وهم دون البلوغ، وأخرج لمن دونهم في السن كالسبطين الحسن والحسين رضي الله عنهما.

فالمحققون من أهل العلم على عدم اعتبار تحديد سن معين بل المعتبر عندهم هو العقل والتمييز (٤) .


(١) بدر الدين العيني: عمدة القاري شرح صحيح البخاري - دار الفكر، ج٢ ص٦٨.
(٢) ابن الصلاح: علوم الحديث - تحقيق د. نور الدين عتر - ط المكتبة العلمية - بيروت ١٤٠١هـ - ١٩٨١م، ص١١٧.
(٣) شمس الدين محمد أحمد الذهبي: الموقظة " في علم مصطلح الحديث " - اعتنى به عبد الفتاح أبو غدة - مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب، ص٦١.
(٤) انظر السخاوي: فتح المغيث تحقيق محمد محمد عويضة، ج٢ ص١٤ - ١٥.

<<  <   >  >>