الكذاب قد تحقق فيه الوصف فعلاً أما المتهم بالكذب فلم يتحقق فيه هذا الوصف، فهل إسماعيل بن أبي أويس تحقق فيه الكذب أم لا؟
الثانية: ذكر الأستاذ أقوال الجارحين فقط لإسماعيل ولم يذكر أقوال المعدلين أو على الأقل بعض أقوالهم، مما يوهم أن التهمة بالكذب قوية ومتحققة، وليس الأمر كذلك فقد عدله جماعة من الأئمة النقاد وإليك أقوالهم (١) :
قال أبو حاتم:" محله الصدق، وكان مغفلاً ".
وقال الحاكم:" عيب على البخاري ومسلم إخراجهما حديثه، وقد احتجا به معاً، وغمزه من يحتاج إلى كفيل في تعديل نفسه أعني النضر بن سلمة، فإنه قال: كذاب ".
وأما يحي بن معين فقد اختلفت أقواله فيه: فمرة قال: " هو ووالده ضعيفان "، وقال مرة:" يسرقان الحديث "، وقال مرة:" إسماعيل صدوق ضعيف العقل ليس بذلك "، وقال مرة:"مختلط يكذب ليس بشيء "، وقال مرة أخرى:" لا بأس به ".
وقال أحمد أيضاً:" لا بأس به ".
وقال أبو القاسم اللالكائي:" بالغ النسائي في الكلام عليه بما يؤدي إلى تركه ".
فأنت ترى أن الأئمة لم يتفقوا على اتهامه، بل الظاهر من أمره أنه صدوق لا يتعمد الكذب، ولكن ضعيف الحفظ وكان يعتمد على حفظه في رواية الأحاديث فيقع في الأوهام وينفرد عن سائر أصحابه بأشياء ليست عندهم. فمن نظر إلى صدقه في نفسه، واعتبر حديثه بحديث غيره، وتأكد من صحة أصوله، قوي من أمره، وروى له، واحتج به، كالبخاري ومسلم،
(١) انظر هدي الساري، ط- دار الريان، ص٤١٠ وعمدة القاري، ط - دار الفكر، ج١ ص١٦٩.