للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدارمي وغيرهم من الحفاظ، بل روى مسلم عن رجل عنه، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.

ومن نظر إلى ضعف حفظه وكثرة غرائبه وهن من أمره فالدارقطني قال فيه: " لا أختاره في الصحيح " ومنهم من ضعف عنده جانب الصدق، واستكثر تلك الغرائب واستنكرها رماه بالكذب كالنسائي وغيره.

وقد لخص الحافظ حاله في التقريب فقال: " صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه " (١) .

الثالثة: إذا لم يثبت أن إسماعيل كان يكذب ويضع الحديث، فكيف يتسنى لنا أن نقول أنه تاب؟!، ومن ثم نبني على ذلك حكماً فنقول: تقبل رواية التائب من الكذب في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس في الأمر إلا ما ذكره الحافظ - رحمه الله - وهو في معرض الدفاع عن صدق إسماعيل وعدالته " لعل ذلك كان في شبيبته ثم انصلح "فأنت تلاحظ أن الحافظ استبعد اتهامه بالكذب، وحاول الدفاع ونفي التهمة، ولم يجزم بذلك بل ذكره متردداً في معرض الدفاع لا غير.

ومن هنا لا يصح أن نبني عليه حكماً، حتى ولو غضضنا الطرف عن أقوال معدليه، وبنينا حكماً على ما ذكره الحافظ ابن حجر لما جاز لنا أن ننسب هذا الحكم للبخاري أو مسلم أبداً، لعدم ثبوت كذبه عندهما. فقد انتقيا من أحاديثه ما يتابعه عليه الثقات من أصحاب مالك. ثم إن إسماعيل هذا من شيوخ البخاري أي ممن جالسهم وعرفهم وسبر أحاديثهم وقد روى من أصوله كما ذكر ذلك الحافظ في هدي الساري (٢) .

الرابعة: لو سلمنا بهذا المثال، ولم نعترض عليه بما تقدم - لما جاز لنا من الناحية العلمية أن نبني عليه حكماً، لأن الأحكام إنما تأخذ عن


(١) الحافظ ابن حجر العسقلاني: تقريب التهذيب، تحقيق محمد عوامة، دار الرشيد - سوريا - حلب الطبعة الرابعة ١٤١٢هـ - ١٩٩٢م، ص١٠٨.
(٢) هدي الساري مقدمة فتح البخاري، طبعة دار الريان ص٤١٠.

<<  <   >  >>