للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرازي (١) ، والبيضاوي (٢) .

الثالث: الرد مطلقاً، وقد حكى النووي الاتفاق على أن المكفرين ببدعهم لا يحتج بهم ولا تقبل روايتهم (٣) وما سبق ينقض قوله.

وقد حقق الحافظ رحمه الله هذه المسألة وأتى فيها بقول فصل موافق لما عليه أئمة الحديث ونقاده فقال - رحمه الله -: " والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته، لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف. فالمعتمد: أن الذي ترد روايته: من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبوله " (٤) .

وأما بالنسبة للمبتدعة الذين لم يكفروا ببدعتهم. فللعلماء في رواياتهم خمسة مذاهب:

الأول: الرد مطلقاً: وممن ذهب إليه مالك بن أنس، وابن غُيينة، والحميدي، ويونس بن أبي إسحاق، وعلي بن حرب، وقد وجه الحافظ ابن رجب هذا المذهب بقوله: " والمانعون من الرواية، لهم مأخذان: أحدهما تكفير أهل الأهواء وتفسيقهم، وفيه خلاف مشهور. والثاني: الإهانة لهم، والهجران، والعقوبة بترك الرواية عنهم، وإن لم نحكم بكفرهم أو فسقهم. ولهذا مأخذ ثالث: وهو أن الهوى والبدعة لا يؤمن معه الكذب ولا سيما إذا كانت الرواية مما تعضد هوى الراوي " (٥) .


(١) انظر كتابه: المحصول في علم أصول الفقه، تحقيق طه جابر فياض العلواني، ق١ ج٢ ص٥٦٧ - ٥٧١.
(٢) انظر كتابه: منهاج الوصول في علم الأصول بشرح البدخشي والأسنوي - مطبعة محمد علي صبيح - القاهرة، ج٢ ص٢٤١.
(٣) التقريب مع شرحه التدريب للسيوطي - تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، ج١ ص٣٢٤.
(٤) نزهة النظر ص٥٣.
(٥) ابن رجب الحنبلي: شرح علل الترمذي - حققه وعلق عليه صبحي السامرائي - عالم الكتب - ط الثانية ١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م، ص٦٥.

<<  <   >  >>