للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: يحتج بهم إن لم يكونوا يستحلون الكذب في نصرة مذهبهم، سواء أكانوا دعاة أم لا، وممن قال به الشافعي وابن أبي ليلى وسفيان الثوري وروي عن أبي يوسف وأبي حنيفة، وحكاه الحاكم في المدخل عن أكثر أئمة الحديث (١) .

الثالث: تقبل رواية المبتدع إذا كان مرويه مما يشتمل على ما ترد به بدعته، وذلك لبعده حينئذ عن تهمة الكذب (٢) .

الرابع: تقبل روايته إذا كانت بدعته صغرى، وإذا كانت كبرى فلا تقبل (٣) فالبدعة الصغرى كالتشيع بلا غلو ولا تحرق، والكبرى كالتشيع مع الغلو والطعن وسب الصحابة.

الخامس: تقبل أخبار غير الدعاة إلى بدعهم، وترد أخبار الدعاة منهم، وقد صرح الخطيب وغيره بأنه مذهب الكثير من العلماء (٤) .

بعد أن سردت أقوال الأئمة ومذاهبهم في الرواية عن أهل البدع والأهواء، فقد تبين أن مذاهبهم متباينة جداً. امتزجت فيها أقوال المحدثين بآراء علماء الكلام والأصول. فلا بد من استجلاء الموقف العملي للمحدثين من خلال مصنفاتهم، ومن هؤلاء الإمام البخاري - رحمه الله - فكيف تعامل مع روايات أهل البدع في صحيحه؟

إذا تأملنا رجال البخاري - رحمه الله - نجد جملة كبيرة منهم قد رموا ببدع اعتقاية مختلفة وقد أورد الحافظ في " هدي الساري " (٥) من رمي من رجال البخاري بطعن في الاعتقاد فبلغوا (٦٩) راوياً، ومن خلال التتبع لهؤلاء الرواة يمكن أن نستخلص المعايير التي اعتمدها البخاري في الرواية


(١) الكفاية ص١٤٨ - ١٤٩.
(٢) فتح المغيث: ج١ ص٣٦١.
(٣) انظر تفصيل ذلك في ميزان الاعتدال ج١ ص٦٠٥، وتهذيب التهذيب ج١ ص٩٤ في ترجمة أبان بن تغلب الشيعي.
(٤) الكفاية ص١٤٩، وفتح المغيث: ج١ ص٣٦٠، وعلوم الحديث ص١٠٣.
(٥) هدي الساري ص٤٨٣ - ٤٨٤.

<<  <   >  >>