للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن أهل البدع ويمكن أن نجملها في النقاط التالية:

- ليس فيهم من بدعتهم مكفرة.

- أكثرهم لم يكن داعية إلى بدعته، أو كان داعية ثم تاب (١) .

- أكثر ما يروي لهم في المتابعات والشواهد.

- أحياناً يروى لهم في الأصول لكن بمتابعة غيرهم لهم.

- كثير منهم لم يصح ما رموا به.

إذن فالعبرة إنما هي صدق اللهجة، وإتقان الحفظ، وخاصة إذا انفرد المبتدع بشيء ليس عند غيره.

وما ذهب إليه البخاري هو مذهب كثير من المحدثين، ومن هؤلاء تلميذه وخريجه الإمام مسلم، فقد روى في صحيحه عن أهل البدع والأهواء المعروفين بالصدق والإتقان، وخاصة إذا انضم إلى ذلك الورع والتقوى، وما ذهب إليه الشيخان هو رأي أكثر الأئمة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وإنما توقف من توقف منهم في الرواية عن أهل البدع إما لأنه لم يتبين لهم صدقهم، أو أرادوا محاصرة البدعة وإخمادها حتى لا تفشوا، ولكن شاء الله تعالى أن تكثر البدع وتفشو، وتبناها كثير من العلماء والفقهاء والعباد فلم يكن من المصلحة ترك رواياتهم، لأن في تركها، اندراساً للعلم، تضييعاً للسنن. فكانت المصلحة الشرعية تقتضي قبولها ما داموا ملتزمين بالصدق والأمانة. قال الخطيب البغدادي - بعد أن ذكر أسماء كثير من الرواة احتج بهم وهم منسوبون إلى بدع اعتقادية مختلفة: ". دون أهل العلم قديماً وحديثاً رواياتهم واحتجوا بأخبارهم، فصار ذلك كالإجماع منهم، وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى الظن في مقارنة الصواب " (٢) .


(١) انظر ترجمة: عمران بن حطان في هدي الساري ص٤٠٤، وترجمة شبابه بن سوار في الهدي ص٤٦٩، وترجمة: عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني في الهدي ص٤٣٧.
(٢) الكفاية ص١٥٣ - ١٥٤.

<<  <   >  >>