للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن الكريم من أوامر ونواهي حتى صار خلقاً تطبعه وسجية له، هيناً ليناً قريباً من الناس يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم، ولا يعبس في وجوههم (١)، ومن الأدلة أيضًا على حسن خلقه ما رواه خادمه أنس بن مالك - رضي الله عنه - حيث قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقاً (٢)، وقال - رضي الله عنه -: خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا (٣)، فالإنسان يظهر حسن خلقه مع الضعفاء لعدم وجود مصلحة تستلزم المجاملات، وكذا يظهر حسن خلقه أيضاً مع أهل بيته لطول ملازمته لهم، وهذا حال نبينا عليه الصلاة والسلام، فكان حسن خلقه سبباً لقبول الدعوة عند الكثير من المدعوين ومن ذلك إسلام روضة ومولاتها - رضي الله عنه - فكانت روضة وصيفة لامرأة من أهل المدينة قالت لها مولاتها يوم وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة: يا روضة قومي على الباب فإذا مر الرجل فأعلميني، فانتظرت روضة حتى مر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخذت بطرف ردائه فبش في وجهها، فنادت مولاتها، فخرجت هي وزوجها فعرض، عليهم الإسلام فأسلموا جميعاً (٤)،

فبشاشته وحسن خلقه عليه الصلاة والسلام رغم تعبه من عناء الهجرة كان من أسباب دخول


(١) انظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن الطبري، ٢٩/ ١٨ - ١٩، تفسير القرآن العظيم ابن كثير: ٢٩/ ٥١٦، تيسر الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، السعدي: ٨٧٩ ..
(٢) متفق عليه صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل، ١٠٧٩ - ١٠٨٠، رقم ٦٢٠٣، صحيح مسلم واللفظ له، كتا الفضائل، باب حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -، ١٠٢١، رقم: ٦٠١٧.
(٣) سبق تخريجه
(٤) انظر الإصابة في تمييز الصحابة، الحافظ بن حجر العسقلاني، تحقيق: علي البجاوي، ط دار الجيل بيروت، ١٤١٢ هـ، ٧/ ٦٥٧ ..

<<  <   >  >>