للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما روى البخاري: عن السائب بن يزيد قال: كنا نؤتي بالشارب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإمرة أبي بكر، وصدراً من خلافة عمر، فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين) (١).

ما روى الدارقطني بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم أتى بشارب خمر وهو بحنين فحثى في وجهه التراب. ثم أمر أصحابه فضربوه بنعالهم، وبما كان في أيديهم، فقال لهم (ارفعوه، فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلك السنَّة، ثم جلد أبو بكر في الخمر أربعين، ثم جلد عمر أربعين صدراً من إمارته ثم جلد ثمانين في آخر ولايته، ثم جلد عثمان الحدين جميعاً ثمانين وأربعين، ثم أثبت معاوية الجلد ثمانين) (٢).

فدل على أن الصحابة - رضي الله عنه - لم يثبت لديهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت في الخمر حداً معيناً، ولو ثبت لهم ذلك، لم يحتاجوا إلى المشاورة فيه؛ لذا: تغير حكمهم واختلفت فتاواهم بتغير الزمن واختلاف الأحوال.

وهذا يدل على أن العقوبة تختلف باختلاف حال المجرم، ومقدار عتوه، واشتهاره بالفجور، وتكرار الجريمة منه مرة بعد مرة، وعدم ارتداعه بالعقوبة فمثل هذا يشدد عليه، ليرتدع ويزدجر بخلاف من لم يشتهر بفسق ولا فجور" (٣).


(١) صحيح البخاري ٨/ ١٤ - باب ٤.
(٢) سنن الدارقطني ٣/ ١٥٨، طبع ونشر مكتبة المتنبي بالقاهرة.
(٣) وجوب تطبيق الشريعة الإِسلامية ص ١٢٦.

<<  <   >  >>