للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكمسألة التوحيد والشرك فإنه يأمر بالأول أمرًا جازما ويندد بالثاني تنديدًا لا هوادة فيه {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٧٢)} (١).

فأما في الخمر والميسر فقد كان الأمر أمر عادة وإلف والعادة تحتاج إلى علاج، فبدأ بتحريك الوجدان الديني والمنطق التشريعي في نفوس المسلمين: قال -تعالى-: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧)} (٢).

والنص يلمح إلى أن الرزق الحسن غير الخمر وأن الخمر ليس رزقًا حسنًا، وفي هذا توطئة لما جاء بعدُ من تحريمها ... ولكن عادة الشراب أو تقليد الشراب في مكة كان أعمق من أن تؤثر فيه هذه اللمسة السريعة البعيدة. وقامت للإسلام دولة في المدينة وكان له سلطان لم يلجأ إلى تحريم الخمر بقوة الدولة وسيف السلطان ولكن بدأ المنهج عمله في رفق وفي يسر ولين: بدأ بآية البقرة ردًا على أسئلة تنبيء عن يقظة الضمير المسلم ضد الخمر والميسر {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} (٣) الآية.

إجابة عن سؤال عمر بن الخطاب ومعاذ ونفر من الصحابة حين قالوا: يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مُذهِبة للعقل مُسلِبة للمال؟ فنزل قوله -تعالى-: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ


(١) سورة المائدة: آية ٧٢.
(٢) سورة النحل: آية ٦٧.
(٣) سورة البقرة: آية ٢١٩.

<<  <   >  >>