وإن لم تكن بصيغها، ولا معنى لقول من لا يرى الظاهر إلا في الصيغة.
٢٢٥ - وقد رام القائلون بالقياس أن يثبتوه من جهة إجماع الصحابة على ذلك، فنقلوا عن كثير منهم أقاويل تدل فيما زعموا على القول بالقياس، فعاندهم أهل الظاهر في موضعين: أحدهما: في نفس الإجماع، وذلك أنه لم ينقل ذلك عن جميعهم، وليس ينسب إلى ساكت قول قائل كما تقدم.
والثاني: أنه لو وقع منهم في ذلك إجماع لما ورد عن التابعين في ذك خلاف. وأيضا فقد تمسك أهل الظاهر بأحاديث نقلت عن الصحابة في دفع القياس. وبالجملة فلم يقدر القائلون بالقياس أن - يصححوا الإجماع الذي ادعوه في ذلك. وأيضا فإن الألفاظ الواردة عن الصحابة قي القياس محتملة، ويشبه إذا تؤملت أن يظهر من أمرها هذا المعنى الذي قلناه في القياس، وإن ذلك إنما كان منهم اجتهادا في مفهوم الألفاظ. والذي يشبه أن يكون لأهل الظاهر فيه مدفع استنباط. الإبدال والاستعارة بطريق السبر والتقسيم أو بغيرها من الطرق، إذا لم تكن هنالك بعض القرائن التى عددناها. وينبغي لمن أجاز ذلك أن يجيزه في جميع الألفاظ المبدلة أو المستعارة والمحذوفة، وبالجملة المغيرة. وكما أن هذه القرائن قد يعمم بها الخاص كذلك قد يخصص بها العام.
٢٢٦ - فقد ظهر من هذا القول ما هو المعنى المدلول عليه باسم القياس في هذه الصناعة، وفي أي جنس دخوله من أجناس الأدلة الشرعية، وفي أي المواضع يستعمل، وفي أيها لا. وقد بقي علينا من طرق الأدلة الشرعية الدليل الذي هو فعله - صلى الله عليه وسلم - وإقراره. وهذان الصنفان ليس هما أدلة من جهة صيغ الألفاظ أو مفهوماتها، بل من جهة ما هي قرائن. ونحن نقول في واحد واحد منها، وما قوته.