٢٠٨ - وأما من كان عنده صيغة الأمر مترددة لين الإيجاب والندب، فإنه يلزمه أن يكون لفظ النهي أيضأ مترددا بين الحظر والكراهة، وسواء ورد في أصل الشىء مطلقا أو مقيدا بصفة أو سبب خارج عنه. اللهم إلا أن بعض الناس ممن يرى أن للأمر والنهي صيغة تقتضى الإيجاب، والحظر يجعل كونها، إذا وردت في شيء مقيد بسبب ما خارج عن الشيء، قرينة تخرج بها الصيغ عن كونها مفيدة للإيجاب والحظر إلى الندب والكراهية. فهذا هو القول في الأدلة المتلقاة من جهة الألفاظ.
٢٠٩ - وقد بقي علينا القول في القرائن الدالة كسكوته وإقراره - صلى الله عليه وسلم -، لكن قبل ذلك يجب أن ننظر في الدليل الذي يعرفونه بالقياس.
٦) القول في القياس:
٢١٠ - وينبغي أن ننظر فيه هل هو دليل شرعى أم لا، وإن كان دليلا شرعيا فهل هو من جنس ما تقدم أم لا، ونجعل سبيلنا قي الفحص عن ذلك مما يدل عليه اسم القياس عندهم في هذه الصناعة فنقول: إنهم يرسمون هذا المعنى بأنه حمل شيئين أحدهما على الاخر في إثبات حكم أو نفيه، إذا كان الإثبات أو النفى في أحدهما أظهر منه في الآخر، وذلك لأمر جامع بينهما من علة أو صفة (١) . والشىء الذي وجود الحكم
(١) أما في بداية المجتهد فقد ذهب في حد القياس الفقهي مذهبا اخر حيث قال: "وأما القياس الشرعي فهو الحاق الحكم الواجب لشىء ما بالشرع بالشىء المسكوت عنه لشبهه بالشىء الذي أوجب الشرع له ذلك الحكم، أو لعلة جامعة بينهما. ولذلك كان القياس الشرعى صنفين: قياس شبه وقياس علة" ص ٣/ ج ١.