٨٢- فأما قول الله عزوجل: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِم) (التوبة: من الآية١٢٢) فرأى بعضهم أنها قاطعة في العمل بأخبار الآحاد إذ طائفة تقع على النفر اليسير الذين لا يحصل اليقين بقولهم وأبو حامد يرى أنها ليست بقاطعة إلا في وجوب الإنذار قال: وليس يلزم من وجوبه عليهم وجوب العمل به كما يجب على الشاهد الواحد إذ الشهادة لا يعمل بها وقال وبمثل هذا الاعتراض يضعف التمسك بقوله عز وجل {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} وبقوله) : - صلى الله عليه وسلم - نضر الله أمرءا سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها) الحديث، وهذا القول منه لا معنى له لأنه ما فائدة وجوب الإنذار إذا لم يجب العمل بنقلهم وليس يشبه هذا الشاهد فإنه إنما وجب عليه أداء الشهادة رجاء أن يأتي من عنده مثل شهادته فيقع العمل بها. اللهم إلا أن يقول القائل عسى إن وجد الإنذار إنما لزم الآحاد ليتكثروا حتى يقع العلم الضروري بقولهم لكن هذا ينكسر مما تقدم من أن ذلك كان يؤدي إلى تعطيل أكثر الأحكام وإنما يشبه أن يظن أن الآية ليست بقاطعة ولا نصا في العمل بأخبار الآحاد من جهة أن الطائفة اسم يقع على النفر اليسير والعدد الكثير الذي يمكن أن يقع على اليقين بقولهم بدليل قوله (لا تزال طائفة من أمتي) الحديث. لكن الآية أظهر في أنه ليس المراد بالطائفة ههنا من يحصل العلم بنقلهم.
الفصل الثاني: في شروط الراوي وصفته
٨٣- وإذ قد تبت العمل بخبر الواحد فلا بد من ذكر الشروط التي يقبل بها ويجب العمل به إذ ليس كل خبر يجب العمل به. فأولها أن خبر الواحد يعمل به وإن لم يعمل بشهادته لأن اشتراط العدد إذا