للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شأنهم تقليد هؤلاء لحسن الثقة بهم، وغلبة الظن في صدقهم. وكأن غلبة الظن لحسن الثقة جعلت ههنا أمارة للزوم الأحكام لهم، كما جعلت غلبة الظن للمجتهد أمارة للزوم الحكم له. وبالواجب ما سمي هذا فرض كفاية، إذ يكفى في القيام به البعض عن البعض.

٢٥١ - فقد تبين من هذا أن الناس صنفان: صنف فرضه التقليد. وهم العوام الذين لم يبلغوا رتبة الاجتهاد التى حددت فيما قبل. وصنف ثان وهم المجتهدون الذين كملت لهم شروط الاجتهاد. وأما هل لهذا الصنف الثاني وهم المجتهدون أن يقلد بعضهم بعضا، ففيه نظر. فإن تقليد العوام شيء أدت إليه الضرورة، ووقع عليه الإجماع. لكن ينبغي أن يقال: يجوز للمجتهد تقليد المجتهد إذا كان أعلم منه، وترجح عنده حسن الظن به ترجحا يفضل عنده الظن الواقع له في الشىء عن اجتهاده.

٢٥٢ - فصل:

ولأن ههنا طائفة تشبه العوام من جهة، والمجتهدين من جهة، وهم، - المسمون في زماننا هذا أكثر ذلك بالفقهاء، فينبغى أن ننظر في أي. الصنفين أولى أن نلحقهم. وهو ظاهر من أمرهم أن مرتبتهم مرتبة، العوام، وأنهم مقلدون (١) . والفرق بين هؤلاء وبين العوام، أنهم يحفظون الآراء التي للمجتهدين فيخبرون عنها العوام، من غير أن تكون عندهم شروط الاجتهاد، فكأن مرتبتهم في ذلك مرتبة الناقلين عن المجتهدين. ولو وقفوا في هذا لكان الأمر أشبه، لكن يتعدون فيقيسون أشياء لم ينقل فيها عن مقلديهم حكم على ما نقل عنه في ذلك حكم


(١) وهذا ما ذهب إليه قي "بداية المجتهد". بل لعله أحد الأسباب التى حركته الى تأليف البداية. . .

<<  <   >  >>