للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيجعلون أصلا ما ليس بأصل، ويصيرون أقاويل المجتهدين أصولأ لاجتهادهم، وكفى بهذا ضلالا وبدعة (١).

٢٥٣ - فأما هل يجوز لهم الحال الأولى، وهي أن يكونوا في ذلك ناقلين عن مجتهد غلب على ظنهم إصابته ويتحرى ذلك خلفهم عن سلفهم في النقل حتى يكون القائمون بفرض الاجتهاد غير موجودين في زماننا هذا مثلا، إلا ما قد سلف ويكفي في ذلك مثلا أن كان في الصدر الأول من قام بهذا الفرض ولو رجل واحد أو أكثر من واحد، على مثال ما أدركنا عليه هذه الطوائف، أعني المالكية والشافعية والحنفية، فيدل لعمري على امتناع ذلك انعقاد الإجماع على أن جميع فروض الكفايات ينبغي أن يكون في زمان زمان من يقوم بها، وحينئذ تسقط عن الغير. وأيضا فإن النوازل الواقعة غير متناهية، وليس يمكن نقل قول قول عن من سلف من المجتهدين في نازلة نازلة، فإن ذلك ممتنع.

٢٥٤ - وإذا كان ذلك كذلك فلم يبق إلا واحد من ثلاثة: إما أن نجعل أقاويل من سلف من المجتهدين فيما أفتوا فيه أصولا يستنبط عنها. وإما أن يتعطل كثير من الأحكام. وكلا الوجهين ممتنع، فلم يبق إلا الوجه الثالث وهو ألا يخلو زمان من مجتهد (٢). وأنت تعلم أن الزمان الذي سلف هكذا كانت حاله، أعني أنه لم يكن فيه مجتهد. وإن كان لا


(١) على الرغم من أنه لم يذهب إلى هذا الحد في البداية فإن من الممكن القول بأن هناك تقاربا بين ما ذهب إليه ههنا وما انتهى إليه في بداية المجتهد. أنظر:١٠٥ - ١٣٦ - ١٣٨ - ١٤٠ - ٣١١/ج ١ - ٤٥ - ٥٥ - ٧٥ - ٩٦ - ١٠٤ - ١١١ - ١١٦ - ١٣١ - ١٤٧ - ١٥٢ - ١٦٥ - ١٧٣ - ١٨٩ - ٢٥٥ - ٢٧٤ - ٢٨٩ - ٢٩٠ - ٢٩١ - ٣٣٢/ج ٢.
(٢) وهذه أكبر الغايات التي أراد تحتيتها من تأليف "بداية المجتهدا.

<<  <   >  >>