فالأحكام إنما تتصف بالصحة إذا فعلت بالأمور والأحوال التي اشترط الشرع في فعلها، والفساد بخلاف ذلك.
٩٥/١ الفصل الثالث: في وصف العبادة بالأداء والقضاء والإعادة
٥٧_ اعلم أن الواجب إذا أدي في وقته سمي أداء، وإذا فعل مرة على نحو من الخلل ثم فعل ثانيا سمي قضاء. وقد يطلق اسم القضاء على معان غير هذه بعضها أقرب إلى هذا المعنى، وبعضها أبعد. فمنها ما يترك سهوا حتى يخرج وقته فهذا أيضا يسمى قضاء حقيقة، لكن يفارق الأول بحط الإثم عن فاعله. ومنها ألا يجب الأداء كالصيام في حق الحائض. وقد أشكل هذا على طائفة حتى ألزموا وجوب الصوم على الحائض بدليل وجوب القضاء، والإجماع يرد هذا فإنها لو ماتت قبل أن تطهر لم تأثم، ومنها حالة المريض والمسافر فإنهما من حيث لهما أن يصوما أشبه فرضهما الواجب الموسع. وقد كان ينبغي ألا يسمى هذا قضاء مجاز، لما في ذلك من فوات الوقت الأول المشهور.
٥٨_ وفي المسافر والمريض مذهبان غير هذا: أحدهما مذهب أهل الظاهر أنهما لو صاما لم يصح صومهما لقوله عز وجل: (فعدة من أيام أخر) والثاني مذهب الكرخي أن الواجب أيام أخر، ولكن لو صاما رمضان صح، كمن قوم الزكاة على الحول. وكلا هذين القولين إنما يبنيان على من لا يرى أن في الآية حذفا، وأن التقدير: فافطر فعدة من أيام أخر، وإن ذلك محمول على الرخصة. وستبين هذه المسألة مما يقال في الجزء الثالث من هذا الكتاب. فأما ما يحتمل أن يسأل عنه من يرى