ما لا يطاق، وهو في ذلك بمنزلة التكليف بما ليس عليه دليل. فكما أن ما ليس عليه دليل تستصحب فيه البراءة الأصلية، أو ما كان عليه دليل إلا أنه لم يمكن بلوغه، كذلك من تعارضت عنده الأدلة في شىء ما ساقطة في حقه. وإنما يقع هذان الصنفان في حق قوم وأهل زمان ما ممن لم يصلهم الدليل الشرعي، أو ممن لم يتميز لهم الناسخ في ذلك والمنسوخ وغير ذلك مما يوجب التعارض، إذ كان ليس يجوز وقوع - دلائل متضادة في الشرع.
٢٤٨ - وإذ قد فرغنا من القول في الاجتهاد والمجتهد فيه، فلنقل قي التقليد والمقلد.
[الفصل الثاني: القول في التقليد]
٢٤٩- والتقليد هو قبول قول قائل يغلب على الظن صدقه لحسن الثقة فيه. والفرق بين هذا وبين، تقليده - صلى الله عليه وسلم -، أن تقليده هو قبول قول يقع للإنسان اليقين به لدلالة المعجزة على صدقه - صلى الله عليه وسلم -.
٢٥٠ - وأما من يجوز لهم التقليد، فهم العوام، بدليل أن الناس لا يخلون من ثلاثة أقسام: إما ان يكونوا كلهم مم مجتهدين، وهذا محال وقوعه والتكليف به، لأنه كان يؤدي إلى انقطاع المعايش لو كان ممكنا أن يحصل لكل أحد رتبة الاجتهاد. وإما أن تفقد في جميعهم شروط الاجتهاد، وهذا أيضا ممتنع، لأنه كان يؤدي إلى إهمال أكثر الأحكام، إذ أكثر الفرائض والسنن إنما يقوم بفرض معرفتها وتعليمها للناس المجتهدون. وإما أن يوجد في الناس الصنفان جميعا، وهو أن تكون فيهم طائفة تقوم للجمهور بضبط الفرائض والسنن، وجعلها عليهم، وأخذهم بها، واستنباط ما شأنه أن يستنبط منها في وقت وقت ونازلة نازلة. وتكون فيهم طائفة أخرى، وهم العوام،