العوارض النفسية. ولهذا مراتب بحسب مراتب الأدلة، ولذلك يكفر في بعضها، ويؤثم في بعض، ومدرك هذا التفاوت الشرع.
٢٤٥ - فقد تبين من قولنا أن ليس كل مجتهد مصيبا، وإنه إن أخطأ فعلى أي جهة لا يأثم، وإن المجتهد كلف إصابة ما هو في نفسه. ممكن الإصابة، وعفي عنه عند الخطأ رحمة له وصفحا عنه.
٢٤٦ - وقد بقى علينا من هذا الباب كيف حالة المجتهد، إذا تعارضت عنده الأدلة في مسألة ما، وإلى أي شيء يصير فنقول: إن الذي حكى في ذلك أبو حامد ثلاثة أراء: أحدها رأي من يرى التوقف والثاني الأخذ بالأحوط والثالث رأي القاضى وهو أن يتخير المجتهد، وهذا رأي ضعيف (١) لأن التخير إباحة، والأدلة المتناقضة في الأمر بالشيء الواحد هى أولى أن توقع الشك والحيرة من أن يظن بها أنها تنتجه. وكذلك التوقف لا معنى له، فإن في ذلك تعطيلا للأحكام. وأيضا فإنه غير ممكن في الأشياء التي ليس يمكن الإنسان فيها إلا أن يأتي، أحد الضدين، كالأحاديث الواردة مثلا قي الغسل من الماء، والغسل من التقاء الختانين، فإن مثل هذه الأحاديث إذا تعارضت لم يمكن فيها - التوقف، فإنه لا بد من المصير إلى أحدهما. وفي مثل هذا يخيل المصير إلى الأخذ بالأحوط. وهو وإن كان يخيل فيه أنه أولى لمكان النجاة من الذم، فكذلك يخاف لحوق الذم بزيادة ما ليس من الشرع في الشرع.
٢٤٧ - وللظاهرية في هذا قول رابع، وهو أن يرجع المجتهد عند تكافؤ الأدلة إلى البراءة الأصلية، لأن التكليف بالأدلة المتناقضة تكليف
(١) نقلنا في آخر الهامش السابق ما يفيد أنه لا يضف في البداية قول من ذهب إلى التخيير.