١٨٠- مسألة: لفظ الجميع إذا ورد مطلقا فأقل ما يتناول الثلاثة فما فوقها, وهو فيها أظهر منه في الاثنين, وإنما يحمل على الاثنين بقرينة. والعجب ممن يحمل ألفاظ الجموع إذا وردت مطلقة على الاثنين, مع أن للاثنين صيغة خاصة. فأما أن لفظ الجمع قد يتجوز فيه ويراد به الاثنان, فذلك غير مدفوع. لكن على جهة الإبدال والتجوّز على نحو ما يفعل في سائر الألفاظ الراتبة على شيء ما. وإذا أنت تصفحت المواضع التي يحتجّ بها من يجوز ذلك وجدتها من هذا القبيل. لكن قد جرت عادة النظار في هذا الشأن عندما يتكلمون في دلالات الألفاظ ألا يفرقوا بين ما تدل عليه الألفاظ دلالة راتبة, وبين ما تدل عليه تجوزا واستعارة. فلذلك نراهم يقولون إن لفظ الجمع ينطلق على الاثنين كما ينطلق على الثلاثة فما فوقها. وهذا هو الذي غلط الناظرين في هذه الصناعة في هذه المسألة عندما يحتجون في ذلك بقول سيبويه وغيره من النحويين, وربما ورد من ذلك في كلام العرب. وليس هذا موجودا وحده في كلامهم, أعني أن يدل على الاثنين بصيغة الجمع. لكن قد يدل بذلك على الواحد وإنما يخرجون ذلك مخرج التعظيم كما يقولون هو كل الناس, وهو الفتى كل الفتى.
١٨١-ولأن هذه الألفاظ العامة كما تقدم قد ترد والمراد بها التخصيص, فربما كان ذلك فيها بينا من أول الأمر, وربما لم يكن بينا, بل يحتاج في ذلك إلى دليل, وذلك إما لفظ أو فعل وإما إقرار أو واحد من الأدلة المستعملة في هذه الصناعة فينبغي إذا أريد المصير إلى تخصيص العام بواحد واحد منها أن ننظر إلى أيها أقوى رتبة في غلبة الظن إليه. وقد اختلف الناس في تخصيص العام إذا ورد في شيء ثم ورد تخصيصه وذلك إما