بصيغة لفظ أو مفهوم أو بفعل أو إقرار, أن ذلك يجري مجرى التعارض, لأنه جائز مثلا أن يرد العام متأخرا عن المخصص, سواء كان لفظا أو فعلا أو إقرارا, فيكون ورود العام نسخا له, إلا أن يعلم أن التخصيص ورد بعد التعميم على جهة تأخير البيان إلى وقت الحاجة. وإلى هذا ذهب داوود وأصحابه.
١٨٢- وقد احتج من أجاز تخصيص العام بمثل هذه الأدلة دون أن يعلم المتقدم منها والمتأخر بمصير الصحابة إلى ذلك, وحكمهم بالخاص على العام, فيكون على رأي هؤلاء حالة العام مع الخاص إحدى حالتين: إما أن يرد اللفظ العام وقد تقدمه الخاص, فيكون ذلك قرينة يخصص بها العام لاحتمال اللفظ لذلك. وإما أن يرد الخاص بعد العام فيكون محولا عليه. وبالجملة كما قلنا فينبغي لمن يجوز التخصيص بمثل هذه الأدلة أن يصير إلى أقواها رتبة في غلبة الظن. وهذا النوع من غلبة الظن قد يقع من جهة الألفاظ, ومن جهة النقل, كمن يجيز تخصيص العام بالنص ويمنعه في القرآن لكون القرآن مما ثبت تواترا, هذا إذا كان الخاص واردا بطرق الآحاد.
١٨٣-ولأن الاستثناء تخصيص ما للعام, إلا أن الفرق بينه وبين التخصيص أنه لا يرد منفردا عن المستثنى. ولذلك لا معنى لقول من أجاز تأخير الاستثناء, فقد ينبغي أن نقول في ذلك:
وصيغ الاستثناء معروفة. فأما أصنافه التي يجب أن ننظر فيها ههنا فهي هذه:
١٨٤-الاستثناء منه متصل, وهو الذي المستثنى من جنس المستثنى فيه. ومنه مقطوع, وهو الذي المستثنى فيه من غير جنس المستثنى منه. وهذا يسميه أهل اللسان بالاستثناء المتقطع. وأيضا من