فيه أظهر يسمونه الأصل، والشىء الذي يوجب له الحكم من أجل وجوده في الأصل يسمونه الفرع. والصفة الجامعة بينهما أو السبب يسمونه العلة.
٢١١ - وينبغى أن لا تأخذ علينا لقولنا حمل شيئين، ولم نقل معلومين على رسمهم، من قبل أن الشىء - زعموا - لا ينطلق على المعدوم، فإن المعدوم يكاد لا يقاس عليه. وأيضا فلو سلمنا لهم هذا لم يكن ممتنعا أن يسمى المعدوم شيئأ إذ كان له وجود قي النفس، لأنا نقول من الأشياء ما هو في النفس كحاله خارج النفس، ومنها ما هو في النفس من غيرأن يكون خارج النفس. وبالجملة فقد كان ينبغى للمتكلمين ألا يشاحوا المعتزلة في مثل هذا. وكذلك أيضا لا يلتفت إلى قولهم: لأمر جامع بينهما من صفة أو سبب أو نفيهما عنهما. فإن النفي من جهة ما هو نفى لا يوجب حكما واحدا لشيئين، اللهم إلا من جهة أن النفي في مواضع قوته قوة العدم، والعدم تابع لصفة ما تقتضي حكما لشيئين. وقد جمح بنا القول عما كنا قصدنا إليه من أول الأمر فلنرجع إلى حيث كنا فنقول:
٢١٢ - إنه إذا تؤمل هذا المعنى الذي يعنونه بالقياس في هذا الموضع ظهر أن ذلك ليس بقياس، وأنه من جنس إبدال الجزئى مكان الكلي (١)
(١) أما في بداية المجتهد فقد ميز بين القياس وبين دلالة الألفاظ فقال: "والفرق بين القياس الشرعي واللفظ الخاص يراد به العام أن القياس يكون على الخاص الذي أريد به الخاص فيلحق به غيره، أعني أن المسكوت عنه يلحق بالمنطوق به من جهة الشبه الذي بينهما لا من جهة دلالة اللفظ، لأن إلحاق المسكوت عنه بالمنطرق به من جهة تنبيه اللفظ ليس بقياس وإنما هو من باب دلالة اللفظ. وهذان الصنفان يتقاربان جدا لأنهما إلحاق مسكوت عنه بمنطوق به وهما يلتبسان على الفقهاء كثيرا جدا" ص ٣ج ا.