للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل على ذلك أن الأصل إنما تعلق به الحكم بالنص أو بالإجماع، فإن صرح بالعلة الموجبة للحكم، وكانت أعم من الأصل، فهذا يلتحق بالعام، - مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في سؤر الهرة: "إنها ليست بنجس لأنها من الطوافين عليكم أو الطوافات " (١) ولها أيضا مراتب، وقد أجاز مثل هذا كثير ممن نفى القياس. وأما إذا لم يكن صرح بالعلة الموجبة للحكم واقتضاها مفهوم - اللفظ، وكانت أعم من الأصل، كان من باب إبدال الجزئي مكان الكلى (٢) وعند ذلك أيما صح بالاجتهاد أو بالحس أنه داخل تحت ذلك الكلي ألحقنا به ذلك الحكم. ومثاله نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب في آنية الفضة، فإن المفهوم منه السرف، فلذلك ألحقنا به آنية الذهب.

٢١٣ - وإذا كان هذا هكذا، وكان ما يعنونه بالقياس في هذه الصناعة في الأكثر راجعا إلى ما تقتضيه الألفاظ بمفهوماتها، وكانت الألفاظ إنما تقتضي ذلك بالقرائن التي تقترن بها، ولكن ليس أي قرينة - اتفقت لكن القرائن التى يشهد الشرع بالالتفات إلى جنسها، فإن الحال في ذلك كالحال في المخاطبة الجمهورية. فكما أن القرائن التى يعول عليها الأعرابي عند مخاطبة غيره تكون معلومة عند المخاطب، وقد عرف التفات المخاطب في حين مخاطبته إليها، كذلك ينبغى أن يكون في الشرع. ونحن نشير إلى واحدة واحدة منها، ونرتبها بحسب مراتبتها في البيان.

٢١٤ - ولأن القرائن كا تقدم من قولنا أحد ما يجعل القول كالنص بمفهومه، وذلك إذا كانت قاطعة في استعارته وإبداله، أو


(١) وقريب من هذا ورد في بداية المجتهد: "إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات ص ٢١ / ج ١.
(٢) لعل الصحيح أن يقول: إبدال الكلي مكان الجزئي.

<<  <   >  >>