للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محدودة الواجب المخير، والغير معين الزمان الواجب الموسع (١)

١٩- وقد أنكرت المعتزلة جواز مثل هذا الواجب عقلا ووقوعه شرعا، وقالوا إن كانت الخصال الثلاث في الكفارة مستوية في الصفة بالإضافة إلى صلاح العبد، فينبغي أن يوجب الجميع لتساويها في صلاح العبد، وهذا مبني على رأيهم في الصلاح والأصلح. وأيضا فلو سلمت لهم هذه القاعدة للزمهم نقيض ما وضعوا، وهو أنه إذا كان كل واحد منهما مساويا لصاحبه في وقوع الصلاح به فاستعمال جميعها عبث، وكذلك استعمال واحدة منها على التعيين، وهم لا يجوزون مثل هذا على الله، وكأنهم لم يتحفظوا بأصولهم في هذه المسألة، واحتجوا أيضا بأن علم الله متعلق بالذي يأتي العبد منها فهو متعين ضرورة في نفسه، ولا يتصور في هذا تخيير.

٢٠- والكلام في هذه المسألة ليس من هذا العلم الذي نحن بسبيله، بل يكفي من ذلك ههنا أن نقول: إن وقوع مثل هذا شرعا موجود كخصال الكفارة، وانعقاد الإجماع على اتباع

أوقات أكثر الصلوات. والذي أنكرت المعتزلة يلزمهم مثل ذلك في المباح، وبالجملة يلحق هذا الاعتراض الممكن بما هو ممكن.

٢١-وقد دفع بعض الفقهاء تسمية مثل هذا واجبا، وقالوا إنما يتصف بالوجوب في الزمان آخر الوقت، إذ فيه يقع العقاب على ترك إيقاع الصلاة فيه. ومثل هذا الاعتراض يلحق الواجب المخير، إلا أن


(١) إدخال أداة التعريف على ((غير)) خطأ نقف عليه في جميع مخطوطات مؤلفات ابن رشد على اختلاف تاريخ نسخها ونساخها مما يدل على أنها وردت كذلك في الأصول القديمة. ولعلها أن تكون من بين العلامات التي تفيد في نسبة هذا المختصر إلى فيلسوف قرطبة ومراكش.

<<  <   >  >>