يطاق. والذي ينبغي أن نقول ههنا أن تكليف ما لا يطاق ممتنع عقلا وشرعا. أما شرعا فلقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) . وأما عقلا فلا متناع قيام المحال بالنفس. وأن من الشرط المأمور به أن يكون مفهوما ومتصورا مكانه عند الآمر والمأمور.
٤٦_ وقد يلحق آخر هذا الجزء مسائل:
٤٧_ فمنها هل المكره على وفق التكليف أو خلافه مختار حتى يثاب على الواحد ويعاقب على الآخر؟ ونحن نقول في ذلك: أما المكره على وفق التكليف فقد يشبه أن يظن به أنه مختار من جهة أن له أن يأتي بخلاف ما أكره عليه محتملا لما به أكره. وهذا التفاوت بحسب ما يلحق المكره من الأذى. لكن إن لم يأت ذلك معتقدا إتيانه طاعة وامتثالا لم يثب عليه، فإن اعتقد ذلك أثبت عليه. وإن كان سبب تحريكه إلى الفعل الإكراه، فإنه إذا أخذ في الفعل واعتقد وقوعه طاعة أثيب عليه. وعلى هذا الوجه جاء إكراه الكفار على الإيمان بالقتل في الشرع. وبالجملة فالتوعد بالعقاب هو إكراه ما على هذا الوجه. ومثل هذا يتصور في أن يكون الإنسان يصده عن الامتثال عناد أو غير ذلك من الأسباب المانعة. وبالجملة الأمّارة بالسوء كثيرا ما تصد الإنسان عن الواجب مع اعتقاد وجوبه. وأما المكره على مخالفة الشرع مثل الإكراه على قتل مسلم، أو ترك الصلاة، فالسؤال فيه في موضعين: ... أحدهما هل إذا فعل بمقتضى الإكراه أثم أم لا؟
والثاني: إن احتمل الإكراه ولم يفعل بمقتضاه هل يثاب أو يأثم، فإن لنفس المرء عليه حقا، والذي ينبغي أن يقال في ذلك هو أن الإكراه تتفاوت مراتبه لتفاوته ما به يقع الإكراه، ومدرك مراتب هذا التفاوت، والمقايسة بينه وبين مخالفة الأمر وترجيح أحدهما على الآخر، مدرك