٥٠_ وقد احتج من منع التكليف بمثل هذا بأنه لا معنى لوجوب الزكاة وقضاء الصلاة مع استحالة وقوعهما فكيف يجب ما لا يمكن امتثاله. وهؤلاء القوم اشتبه عليهم الشرط الشرعي بالشرط الوجودي. وليس الأمر كذلك فهذا المكلف إنما يتوجه إليه الأمر بالشيء قبل حصول شرطه على تقدير حصول شرطه، وهو مستطاع له ومكتسب بخلاف الشرط الوجودي.
٥١_ أما احتجاجهم بأن الكافر إذا أسلم انتفى وجوب الصلاة والزكاة عنه، فلا حجة فيه، لأن مصيرنا إلى سقوط وجوبها بالإسلام إنما هو بدليل الشرع وإنما أوجبنا القضاء على المرتد دون الكافر، لأن القضاء إنما يجب بأمر مجرد فليتبع فيه الدليل الشرعي، ولذلك قد يؤمر بالقضاء من لا يؤمر بالأداء، وقد يؤمر بالأداء من لا يؤمر بالقضاء.
٥٢_ ومما يلحقون بهذا الباب مسألة رابعة وهي:
كما أنه لا يجوز إتيان الأمر بالجمع بين الضدين كذلك لا يجوز إتيان الأمر بالتخلي عنهما، إذا لم يكن بينهما وسط.
٥٣_ ولكن ها هنا فيما زعموا مسائل جزئية توقع شكا في هذه المسألة الكلية وهي: من توسط أرضا مزدرعة مغصوبة فيحرم عليه المكت ويحرم عليه الخروج، إذ في كل واحد فساد زرع الغير، فهو عاص بأيهما فعل. وكذلك من سقط على صدر صبي محفوف بصبيان، وعلم إن مكث قتل من تحته وإن انتقل قتل من حواليه. ومثل هذه المسائل فهي اجتهادية، وليست مما يوقع شكا في أنه لا يجوز. ورود الأمر بالتخلي عن الضدين. ويشبه أن يقال فيها هو غير مكلف في هذا الحال، ويشبه أن يقال في المسألة الأولى يخرج لتقليل الضرر وفي