للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن هذه الأصول على الإطلاق وأقسامها , وما يلحقها من حيث هي أحكام.

وإما معرفة تعطي القوانين والأحوال التي بها يتسدد الذهن نحو الصواب في هاتين المعرفتين , كالعلم بالدلائل وأقسامها , وبأي أحوال تكون دلائل وبأيها لا. وفي أي المواضع تستعمل النقلة من الشاهد إلى الغائب وفي أيها لا. وهذه فلنسمها سبارا وقانونا, فإن نسبتها إلى الذهن كنسبة البركار والمسطرة إلى الحس في مالا يؤمن أن يغلط فيه. (١)

٣- وبين أن كلما (٢) كانت العلوم أكثر تشبعا, والناظرون فيها مضطرون في الوقوف عليها إلى أمور يضطر إليها من تقدمهم, كانت الحاجة فيها على قوانين تحوط أذهانهم عند النظر فيها أكثر. وبين أن الصناعة الموسومة بصناعة الفقه في هذا الزمان وفي ما سلف من لدن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق أصحابه على البلاد واختلاف النقل عنه صلى الله عليه وسلم بهاتين الحالتين, ولذلك لم يحتج الصحابة رضي الله عنهم إلى هذه الصناعة كما لم يحتج الأعراب إلى قوانين تحوطهم في كلامهم ولا في أوزانهم.


(١) يمكن اعتبار التصنيف الثلاثي للعلوم تصنيفا فريدا بالقياس إلى ما ذهب إليه ابن رشد في أعماله اللاحقة على هذا المختصر, وذلك على الرغم من أنه لا يخرج عن التصنيف العام للعلوم إلى نظرية وعملية آلية, وهو ما ذهب إليه ابن رشد مع غيره من المتقدمين.
هذا ولا شك أن القارئ سيستغرب لاستعمال كلمة البركار التي لم يكن الأندلسيون ولا المغاربة يستعملونها ولكنه من جهة أخرى لن يستغرب من استعمالها عند ابن رشد قارئ النصوص الفلسفية المشرقية وقارئ أبي نصر الفارابي.
(٢) في الأصل: وبين أن كل ما.

<<  <   >  >>