للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلاف في أنه لا تشترط فيه العصمة كما لا يكفي في ذلك اجتناب الكبائر وذهب قوم إلى أن عدالة عبارة عن إظهار الإسلام مع أنه لا يعلم فاسقا دون بحث عن سيرته وسريرته

٨٨ أما أصحاب المذهب الأول فاحتجوا بأن قالو كما أن المجهول الكفر لا يجوز نقله كذلك المجهول الفسق ولأولئك أن يقولوا (١) إن المجهول الكفر ليس تعرف منه حالة يغلب بها على الظن حسن الثقة به وليس كذلك المعروف من إظهار الإسلام، وقد احتجوا أيضا لذلك برد الصحابة أخبار المجاهيل كرد عمر رضي الله عنه خبر فاطمة بنت قيس ورد علي قول الأشجعي وما ظهر من طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العدالة والثقة فيمن كان ينفده إلى البلاد.

٨٩ وأما ما احتج به أهل الفرقة الثانية فقبوله - صلى الله عليه وسلم - شهادة الأعرابي في رؤية الهلال مع أنه لم يعرف منه إلا الإسلام ولأولئك ألا يسلموا أنه كان مجهولا عند الله واحتجوا أيضا بأن الصحابة قبلوا قول من لم يعرفوهم بالفسق وعرفوهم بالإسلام.

٩٠ وبالجملة فقد احتج كل فريق منهم بحجج، وهي وإن كانت ظاهرة بحسب دعواه فهي مع هذا محتملة للتأويل والمسألة اجتهادية لا قطعية. وبالجملة فالمقصود فيما يظهر من العدالة إنما هو غلبة الظن بالصدق وذلك يختلف بحسب اختلا ف قرائن الأحوال. فينبغي إذن فيما لم ينصب الشرع فيه علامة محدودة بطريق قطعي لغلبة الظن بالصدق ألا نحد فيها حدا بل يوكل ذلك إلى نظر المجتهدين، فإنه رب مجتهد تجتمع عنده قرائن يغلب بها على ظنه صدق إنسان ما ليس تجتمع


(١) في لأصل: أن يقولون

<<  <   >  >>