للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعم به البلوى ينتشر ويستفيض بحسب عرف العادة. وقد رد هذه القرينة من أجاز العمل بأخبار الآحاد فيما تعم به البلوى بأن الاستفاضة إنما تلزم في ما تعبد فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإشاعته في الجميع , وأما ما تعبد به باتصاله إلى الآحاد ورد الخلق إلى أخبارهم فلا يلزم ذلك فيه. ويحتجون لتجويز ردهم إلى أخبار الآحاد في بعض النوازل مع إمكان استفاضة ذلك بتجويز ردهم إلى القياس فيما يمكن أن ينص عليه كمسألة الربا وأشباهها. قالوا وليس عموم البلوى علة الإشاعة والاستفاضة , بل علة ذلك جهة التكليف.

١١٣- وأنا أرى أن تبليغه - صلى الله عليه وسلم - فرضا من فروض الله مما هو واجب على الأعيان واحدا , وسكوته عن تبليغه لمن يراوحه ويغاديه من أصحابه صلى الله عليهم وسلم اتكالا منه - صلى الله عليه وسلم - على أنه إن وصلهم ذلك الخبر عملوا به , وإن لم يصلهم فهو ساقط في حقهم غير معلوم من قرائن أحواله - صلى الله عليه وسلم - مع حرصه على التعليم والتبيين. وسواء جاز وقوع مثل هذا عقلا أو لم يجز هو مما يكاد يقطع بامتناع وقوعه شرعا عند تصفح أحواله - صلى الله عليه وسلم - في البيان والتبيين. وإنما الحق أن بعض الأخبار ليس يمكن فيها أن تصل إلينا إلا بطرق الآحاد , وإن عمت بها البلوى فيما سلف واستفاضت , وبعضها يمكن ان تصل بهذا وهذا، وبعضها ممتنع أن تصل بغير التواتر , وذلك يختلف في نازلة نازلة وقضية قضية , وذلك بحسب الزمان والمكان وغير ذلك من العوائق. ولذلك ربما انقدح للمجتهد في بعض الأخبار القول برده لعموم البلوى , وربما لم ينقدح له رده , ولا سيما في فروض الكفايات. وينبغي أن يقال في كل موضع بحسب ما يحتمل الأمر المقول فيه , فإن رد الإنسان طرق الآحاد فيما تعم به البلوى في كل موضع غير صواب , إذ يتفاوت ذلك بحسب القرائن وكذلك العمل بها على الإطلاق. وليس لهذا التقسيم طبيعة التقابل حتى

<<  <   >  >>