١٩٨ - وقصدنا نحن ههنا من هذه الأقسام أن نتكلم في الأمر والنهي، إذ الاقتضاء الشرعى ليس يتصور وقوعه على جهة الطلب اللهم إلا أن نجعل الطلب ههنا كأنه اسم جنس ينقسم إلى الواجب والندب، لكن الأولى أن يكون الأمر ينقسم هذه القسمة. وقد اختلفوا في معاني الأوامر العامة بالنفس هل لها صيغ خاصة تدل عليها بالذات وأولا، وإن كان لها صيغ فهل تقتضي الإيجاب أو الندب على جهة النص، أم هي أظهر في أحدهما ومصروفة إلى الثاني بالتأويل، على جهة ما يؤول الظاهر، أو هى مجملة بين الإيجاب والندب. وكذلك اختلف الذين رأوا أن لها صيغا دالة في هل تقتضى أيضا بصيغها الفور، أم التراخي، أم هي مترددة يين ذلك. وكذلك أيضا هل تقتضى التكرار أم الفعل مرة واحدة.
١٩٩ - ونحن نبتدىء بالنظر في ذلك بأن نتأمل كيف حالها في الوضع اللغوي والعرف الشرعى فنقول:
٢٠٠ - أما أن للاقتضاء صيغا في كلام العرب فذلك ما لا يدفعه أحد، كقولهم "اخرج انطلق "، وإن كان قد تأتى هذه الصيغ في كلامهم والمقصود بها التهديد والكف عن الفعل، كقوله تعالى:(كلوا وتمتعوا قليلا) . ولكن بالجملة هى أظهر في الإذن، وإنما تدل على التهديد باستعارة. وكذلك أيضا إذا أرادوا النهى قرنوا بهده الصيغ حرف لا، فصار مجموعها يدل بشكله وصيغته على النهي. فأما هل في تدل هذه الصيغ بذاتها وضعا لغويا على الأمر فذلك مما لا يتبين فيها، وأحرى من ذلك أن تكون لها صيغ تدل بها على الوجوب أر الندب، لأن هذه المعاني هى معان شرعية وليست بمعان جمهورية. فأما بالعرف الشرعى فهى لا شك متضمنة معنى الأمر، ؤأما هل تتضمن الوجوب