للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث الثامن والعشرون

مكة والمدينة حرام

وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيم حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا، وَإِنِّي حَرَّمْت المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْت فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ] (١).

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «المَدِينَةُ حَرَامٌ (٢) مَا بَيْنَ عَيْرٍ إلَى ثَوْرٍ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ] (٣).

هذان الحديثان يتعلقان بالحرم لا الإحرام، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا»، وثبت أيضًا في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله حرم مكة» (٤) ولا منافاة، لأن الله أنشأ التحريم وإبراهيم - عليه السلام - أظهره وبلغه ثم دعا لأهلها.

ثم قال: «وَإِنِّي حَرَّمْت المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» ألا بجري فيها القتال وأن تكون أحكامها كما مر معنا.

وقوله: «وَدَعَا لِأَهْلِهَا» وهو كما ذكر الله تبارك وتعالى من قوله: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ ...} الآية [البقرة: ١٢٦] والنبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لأهل المدينة وحرمها كما دعا إبراهيم لأهل مكة وحرمها وقال: «وَإِنِّي دَعَوْت فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إبْراهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ» وبمثلي: أي ضعفي.

ولهذا يوجد من البركة في الطعام في مكة والمدينة ما ليس في غيرهما.


(١) أخرجه البخاري (٢١٢٩)، ومسلم (١٣٦٠).
(٢) في بعض النسخ المخطوطة: (حرم).
(٣) أخرجه مسلم برقم (١٣٧٠)، وأخرجه البخاري برقم (٦٧٥٥).
(٤) رواه البخاري (١٧٣٦، ١٩٨٤)، ومسلم (١٣٥٣).

<<  <   >  >>