وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ، فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ، أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ:«نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللهَ فاللهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ»[رَوَاهُ البُخَارِيُّ](١).
هذا الحديث فيه أن امرأة جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبرته أن أمها نذرت أي: ألزمت نفسها عبادة الحج التي لم تجب عليها بأصل الشرع ولكنها لم تحج؛ لأنها ماتت فقالت الإبنة: أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قال:«نَعَمْ، حُجِّي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ، أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟!» هذا استفهام تقريري. يعني نعم. «اقْضُوا اللهَ فَاللهُ أَحَقُّ بِالوَفَاءِ».
وفيه أن من نذر الحج يلزمه، فمن نذر أن يطيع الله فليطعه.
وحكم النذر في الأصل:
قال بعضهم:«مستحب» - وعندي - أن هذا القول شاذ.
وقال بعضهم:«مكروه» وهذا هو الصحيح.
فالأصل في النذر أنه مكروه؛ لأنه تكليف للعبد فوق ما كلفه الشارع، وحسب العبد أن يقيم ما لزمه من الواجبات الشرعية، وإذا أراد بعد ذلك فليأت بالنوافل، أما كونه يأتي بشيء يفرضه على نفسه فهذا أقل ما يقال فيه: الكراهة.
لهذا في حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: نهى عن النذر وقال: «إن النذر لا يأت بخير وإنما يستخرج به من البخيل»
(١) أخرجه البخاري برقم (١٨٥٢). انظر تحفة الأشراف (٤/ ٤٠٠).