للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(١).

وقال بعضهم: أن النذر المكروه هو الذي جاء في الحديث (٢)، وهو أنه ينذر ويظن أن النذر له سبب في القدر.

ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن النذر لا يأت بخير وإنما يستخرج به من البخيل».

والغالب أن الذين ينذرون يعلقونه على شفاء مرضاهم وعودة غائبهم وما أشبه ذلك، والصحيح أن النذر في الأصل مكروه لما تقدم، والمذكور في الحديث أشد كراهيه.

وقد قال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور: ٥٣]، فمن تأمل قوله تعالى: {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} بإزاء قوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} علم أن إقسامهم جهد إيمانهم - بالمفهوم - ليست طاعة معروفة، وأقل ما يقال في الطاعة التي غير المعروفة في الشرع، ولم يذكرها الشارع من المعروف أن تكون مكروهة، وقد استدل غير واحد من أهل العلم بهذه الآية على أن النذر مكروه.

- ومن الفوائد فيه: حرص الصحابة - رضي الله عنهم - على السؤال عن أحكام الدين المتعلقة بهم وبأقاربهم.

- وفيه: إثبات القياس فالنبي - صلى الله عليه وسلم - شبَّه الواجب الشرعي بالدين المالي.

- وفيه: حسن تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

سؤال: هل يقاس على الحج عن الميت الأجر في الصيام والصلاة ... الخ؟

الجواب: نعم، كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (٣) لكن المشهور في المذهب حمل هذا على النذر، وهذا اختيار شيخ الإسلام وابن القيم.


(١) أخرجه البخاري (٦٢٣٤، ٦٣١٤، ٦٣١٥)، ومسلم (١٦٣٩).
(٢) هو الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا وإنما يستخرج من البخيل»، أخرجه البخاري (٦٢٣٥)، ومسلم (١٦٤٠) واللفظ له.
(٣) أخرجه البخاري (٢/ ٦٩٠ رقم ١٨٥١)، ومسلم (٢/ ٨٠٣ رقم ١١٤٧).

<<  <   >  >>