للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له ذلك بمكة؛ لأنه لو أقام بمكة تشتت ذهنه ولم يجد قلبه مجتمعًا عليه، حينئذ يكون المقام ببلدة أفضل من المقام بمكة في مثل هذه الصورة.

وقوله: (ثُمَّ أَتَى مَقَامَ إبْرَاهِيم فَصَلَّى) قرأ - صلى الله عليه وسلم -: بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (١) وهذه لم تقع في مسلم ولكنها جاءت في غيره.

وفيه من الفوائد:

أنه جهر بها جهرًا سمعه أصحابه مع العلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف في وقت النهار، فحينئذ قد يقال هذا إن دعت الحاجة إلى ذلك كما لو أراد أن يُعَلِّم الناس السنة فلا بأس.

وقوله: (ثُمَّ رَجَعَ إلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ)

فيه من الفوائد:

أن استلام الركن عبادة مستقلة فهو يُسْتَلم لوحده، وفي الطواف وفي العمرة والحج.

ومما يدل عل ذلك: ما أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبدة بن سليمان عن عبيد الله عن نافع قال: (كان ابن عمر يستلم الركن طائفًا، أو غير طائف) (٢).


(١) انظر أصل الحديث في صحيح مسلم (١٢١٨)، وكلام النووي عليه ومنه قوله: وقد ذكره البيهقي بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت فرمل من الحجر الأسود ثلاثًا ثم صلى ركعتين قرأ فيهما {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ورواه أيضًا النسائي (٢٩٦٣)، وغيره.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢١٥).

<<  <   >  >>