بتقريرها ومسألتنا فرد من أفراد تلك القاعدة: فلما كان المسافر قارًّا في البلد، كان حكمه في إجابة نداء الجمعة حكم المقيمين كما لو صلى المسافر خلف من يُتِم كان عليه أن يُتِم تبعًا للإمام، كذلك يجب عليهم الجمعة تبعًا للمقيمين، بل شهودهم الجمعة أولى من إتمامهم الصلاة خلف المقيم (١).
قال المسقطون: مهلًا فقد أجلبتم علينا بخيلكم ورجلكم، وقد قلتم فأكثرتم وأحسنتم، فأنصفونا فإنا نقول إن الله قد علَّق أحكامًا كثيرة بمسمى السفر من القصر والفطر والمسح ثلاثًا عن الخفين، والعفو عن الجمعة والاستعاضة عنها بالظهر مقصورة رحمة من الله وتخفيفًا، وكل ذلك صدقة من الله على عباده فاقبلوا صدقته واكلفوا من الأعمال ما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ... وهذه المسامحة والعفو والتخفيف لا يحل رفعها عن عباد الله والاشتقاق عليهم إلا بحجه بينه من كتاب الله وسنة نبيه أو إجماع متيقن أو قياس صحيح يجب المصير إليه، وأين هذا في مسألتنا؟
فأما قولكم: عموم الآية وشمولها للمسافر القار فنحن نمنع ذلك.
فكما لم يجب عليه الصوم ولم يدخل في قوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة: ١٨٥]، كذلك لم يدخل في عموم آية الجمعة، وسبب سقوط الصوم عنه السفر بنص الآية قال تعالى:{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فكذا في مسألتنا ونحن معنا فهم السلف وجمهورهم، فهذا ابن عمر يقول:«لا جمعة على مسافر» فهذا عذرهم الذي عذرهم به السلف، وأنتم أبيتم ذلك .. !!
وأما قولكم: إن المسافر إن مكث بمكان لا يقطع حكم السفر فإنه لا ينتفل على الدابة ما دام نازلًا، وتتوصلون بهذا إلى أن أحكام المسافر القار تتعبض! فنعم. فلا حاجة له إلى ركوب دابته والتنقل عليها ما دام نازلًا، وإنما رخص له في حال السير وهكذا ثبتت به السنة. فكان ماذا؟!!