للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء عن ابن عمر عند البخاري (ولا على إثر كل واحده منهما) (١).

فلم يصلي بعد المغرب ولا بعد العشاء شيء، لكنه أوتر - صلى الله عليه وسلم - لعمومات الأحاديث؛ ولأنه الأصل.

وقوله: (ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ) هذا ليس معناه أنه لم يستيقظ - صلى الله عليه وسلم - حتى الفجر، فكيف وقد أَذِنَ - صلى الله عليه وسلم - للظعن أن يسيروا، فالظاهر أنه استيقظ - صلى الله عليه وسلم - في آخر الليل بعض الوقت، وَأَذِنَ لبعض أزواجه كسودة (٢) وأم حبيبه (٣)، وكذلك بعث ابن عباس في ضعفة أهله (٤)، فليس فيه دليل على ترك صلاة الوتر في تلك الليلة، لكنه يأتي بأصل الوتر ولا يطيل حتى يرتاح، ويستعد لأعمال يوم العاشر يوم العيد يوم الحج الأكبر يوم النحر.


(١) رواه البخاري (١٥٨٩).
وهنا فائدة حديثية مهمة:
أن زيادة «ولا على إثر كل واحدة منهما» تفرد بها ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر، فالحفاظ من أصحاب الزهري كمالك ويونس ومعمر ليس أحد منهم يذكر هذه الزيادة، وأيضًا أصحاب سالم لا يذكرونها، وكذا أصحاب ابن عمر لا يذكرونها كسعيد بن جبير ونافع، ولا يذكروها سليم والد الأشعث.
فالقدر المحفوظ في الخبر: «ولم يسبح بينهما» وهو المذكور في حديث جابر حيث قال: «حتى أتى مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا ثم اضطجع»، وأيضًا في رواية ابن أبي ذئب عن الزهري كلام يقع فيها اضطراب وقد قيل إنها عرض.
(٢) روى البخاري (١٥٩٦، ١٥٩٧)، ومسلم (١٢٩٠) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سودة أن تدفع قبل حطمة الناس - وكانت امرأة بطيئة - فأذن لها فدفعت قبل حطمة الناس، وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنت سودة أحب إلي من مفروح به»، وحطمة الناس أي: زحمتهم.
(٣) روى مسلم (١٢٩٢) عن عطاء أن ابن شوال أخبره أنه دخل على أم حبيبة فأخبرته أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بها من جمع بليل.
(٤) روى البخاري (١٥٩٤)، ومسلم (١٢٩٣) عن ابن عباس قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثقل (أو قال: في الضعفة) من جمع بليل»، وفي لفظ: «أنا ممن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ضعفة أهله».

<<  <   >  >>