وبناءً على الاختلاف في هذا الحديث نشأ الخلاف في الحج عن الغير فيمن لم يحج عن نفسه، فعلى قول جمهور أهل العلم سواءً صح الحديث مرفوعًا أو قالوا بأنه موقوف له حكم المرفوع، يقولون: من حج عن غيره بأجره ولم يكن حج عن نفسه فإنه يكون عن نفسه، ويلزمه إرجاع المال الذي أخذه إلى الذي استنابه.
وهذه المسألة يدخلها الاجتهاد، فهناك قول آخر بناءً على ضعف الحديث، وهو رواية عن أحمد - رحمه الله - وهو إذا حج عن غيره ولم يكن قد حج من قبل عن نفسه فإنه يقع عن المستنيب، ولكنه يأثم هو لعدم البدار إلى الحج.
وشيخنا ابن عيثمين - رحمه الله - يميل إلى هذا القول ويقول: عندنا حديث «إنما الأعمال بالنيات ...» في الصحيحين فكيف نقدم حديث ابن عباس المضطرب على حديث من أصول الإسلام، ويقول: إنه إذا نوى عن غيره فإن النية تكون عن الغير والحج يكون عن الغير.
وستأتي صورة - إن شاء الله - ينبغي ألا يختلف فيها، وهي صورة (إذا كان الإنسان فقيرًا والحج يشترط له الاستطاعة كما ثبت في الكتاب والسنة، ويحتاج في أداء الحج إلى زاد وراحلة وأموال، فأتاه شخص قادر بماله وعاجز ببدنه فاستنابه) هنا نقول: هذا الفقير لا يجب عليه الحج لعدم القدرة المالية فحينئذ يجوز أن يحج عن ذلك القادر بماله العاجز بدنه، وهذا القول صححه الجمهور في مثل هذه الصورة، أو أن يستنيبه شخص ولي لميت في الحج عن الميت فلا نزاع في المسألة؛ لأنه لا يجب على هذا الفقير أصلًا أن يحج فهو نائب عن الميت، أو نائب عن الحي أما إذا كان قادرًا فسيأتي في شرح الحديث.
والذي أرى في هذه المسألة أن مذهب الجمهور أحوط إلا في صورة الفقير التي ذكرنا، فإن الحج يكون عن المستنيب لدلالة الحديث «إنما الأعمال بالنيات ...» وينبغي ألا يختلف في ذلك.