أفتى المحرم بتغطية وجهه، وبيَّن بعضهم من الشمس والغبار والذباب وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأبي سليمان وأصحابهم.
وروي عن ابن عمر لا يغطي المحرم وجهه، وقال بن مالك: ولم ير على المحرم إن غطى وجهه شيئًا لا فدية ولا صدقة ولا غير ذلك، إلا أنه كرهه فقط بل قد روي عنه ما يدل على جواز ذلك. اهـ.
وقال أبو الطيب في تعليقه على الدارقطني (٢/ ٢٩٦): وقال الحاكم في كتاب علوم الحديث وذكر الوجه في الحديث تصحيف لرواية الجماعة الثقات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته ولا تغطوا رأسه. اهـ.
والمرجع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم فإن الحاكم كثير الأوهام، وأيضًا فالتصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة وأي مشابهة بين الوجه والرأس في الحروف. إلى آخر كلام أبي الطيب.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١١/ ٤٥): اختلف العلماء في تخمير المحرم وجهه بعد إجماعهم أنه لا يخمر رأسه، فكان ابن عمر فيما رواه مالك وغيره عنه يقول: ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم، ولذلك ذهب مالك وأصحابه، وبه قال محمد بن الحسن من غير خلاف عن أصحابه.
قال ابن القاسم: كره مالك للمحرم أن يغطي ذقنه أو شيئًا مما فوق ذقنه؛ لأن إحرامه في وجهه ورأسه، قيل لابن القاسم: فإن فعل أترى عليه فدية؟ قال: لم أسمع من مالك فيه شيئًا ولا أرى عليه شيئًا لما جاء عن عثمان في ذلك، وقد روي عن مالك: من غطى وجهه وهو محرم أن يفتدي، وفي موضع آخر من كتاب ابن القاسم: أرأيت محرمًا غطى وجهه ورأسه في قول مالك. قال: قال مالك: إن نزعه مكانه فلا شيء عليه، وإن تركه فلم ينزعه مكانه حتى انتفع بذلك افتدى. قلت: وكذلك المرأة إذا