قال البيهقي: ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض رواته، وفي كل ذلك نظر فإن الحديث ظاهره الصحة، ولفظه عند مسلم من طريق إسرائيل عن منصور وأبي الزبير كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث قال منصور:«ولا تغطوا وجهه» وقال أبو الزبير: «ولا تكشفوا وجهه».
وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ:«ولا تخمروا وجهه ولا رأسه».
وأخرج مسلم أيضًا من حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير بلفظ «ولا يمس طيبًا خارج رأسه» قال شعبة: ثم حدثني به بعد ذلك فقال خارج رأسه ووجهه. انتهى.
وهذا الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية وشعبة أحفظ من كل من روى هذا الحديث ... انتهى من الفتح.
قلت: هذا على لفظ مسلم وفيه تقديم وتأخير، وإلا فسياق النسائي وغيره يدفع كلام الحافظ من أصله وهو صريح، وقول الحافظ وشعبة أحفظ .. إن أراد أصل الحديث فلا وإن أراد طريق أبي بشر فنعم فكان ماذا وجل أصحاب سعيد لا يذكرونها؟!
والذي يتحرر لي جواز التغطية للوجه من حاجة: كحَرٍّ، أو غبار أو نحو ذلك، وقد جاء هذا عن بعض الصحابة وحُكِي مذهب الجمهور بلا تقييد كما تقدم، فأما من غير حاجة فتوقيه أفضل وأحوط، وهذا نوع من الجمع بين الآثار والحديث على ما في الزيادة من كلام كما تبين لك.
هذا من ناحية أما من ناحية إيجاب الفدية في تغطية الوجه فلا أرى ذلك أصلًا فلا تشغل ذمة مسلم بحديث هذا حاله (١).
(١) على أن في إيجاب الفدية في غير حلق الرأي ما هو معلوم.