فليس ها بمطردٍ فإنه قد يجهر ببعض القرآن دون بعض, [كما] يجهر في بعض الصلواتِ والركعات دون بعضٍ. وأيضاً: فقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الجهر بها لحكمة كانت في زمانه, ثم صار ذلك سنةً لمن بعده, كما رمل واضطبع في طواف القدوم؛ لمعنى كان في ذلك الزمان, ثم صار سنة للمسلمين إلى يوم القيامة, وكما أن أصل السعي بين الصفا والمروةِ ورمي الجمرات وذبح الهدي, لما يروى من قصة فِعل إبراهيم وابنه الذبيح وهاجر, ثم جعل الله ذلك عبادةً لمن بعدهم.
وأيضاً: فهي وإن كانت آيةً من القرآن, لكن إنما أنزلت لأجل ما بعدها من السورة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم, والتسمية إنما تكون عند ابتداء الأمور وفي أوائلها, فصارت كالتابع لغيره