للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مواعظ ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -

(٤/ ٤)

* سنختم في هذا الجزء ما تيسَّر من مواعظ هذا الصحابيِّ الجليل، العالم الإمام والتي منها قوله - رضي الله عنه - (١):

* «إنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنَّه قاعدٌ تحت جبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإنَّ الفاجر يرى ذنوبه كذبابٍ مرَّ على أنفه، فقال به هكذا!»، قال أبو شهابٍ بيده فوق أنفه.

ما أروع هذا التَّشبيه الذي يحكي حال المؤمن مع الذنب، وخوفه وشفقته من أثره! ويحكي حال الفاجر والمنافق، الذي لا يبالي في أيِّ أودية المعاصي نزل، ولا أيَّ ذنبٍ اقترف، والعياذ بالله!

وهذا الشعور إذا ساور الإنسان، فهو - بلا ريبٍ - علامة إيمانٍ وخوفٍ؛ إذ ليس من شرط الإيمان ولا والولاية في الدِّين العصمة من الذنب صغيرًا أم كبيرًا، بل الشرط عدم الإصرار على الذنب، قال تعالى في صفة أهل الجنة التي عرضها السموات والأرض: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ*أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: ١٣٥، ١٣٦].


(١) البخاري ح (٥٩٤٩).

<<  <   >  >>