للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مواعظ حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -

(٢/ ٢)

• ومن مواعظه - رضي الله عنه - قوله (١):

«إنَّ الحقَّ ثقيلٌ، وهو مع ثقله مريءٌ، وإنَّ الباطل خفيفٌ، وهو مع خفَّته وبيءٌ، وترك الخطيئة أيسر -أو قال: خيرٌ -من طلب التوبة، وربَّ شهوة ساعةٍ أورثت حزنًا طويلًا».

تضمَّنت هذه الموعظة جملتين مهمَّتين:

الأولى: وصف فيها الحقَّ والباطل، فقال: «إنَّ الحقَّ ثقيلٌ، وهو مع ثقله مريءٌ»، ومراده بالثِّقل هو ثقل التحمُّل، وثقل العبْء الذي يترتَّب على حمله، كما قال - سبحانه وتعالى -: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥]، وكما أشارت إليه آية الأمانة في خواتيم سورة الأحزاب: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: ٧٢]، ومع كون الحقِّ ثقيلًا، فإنَّه مريءٌ؛ أي: سهل التقبُّل؛ لأنَّ الحقَّ موافقٌ للفطر السليمة، بخلاف الباطل، فإنَّه خفيفٌ؛ لموافقته لغالب الأهواء والشهوات، فتنقاد معه، وتستسلم له؛ ولهذا تجود النفوس في هذا السبيل بالأموال والجهود، لكن مع ذلك فهو وبيءٌ وخطير العاقبة، وهكذا هي حال المحرَّمات


(١) الزهد؛ لابن المبارك (٢٩١).

<<  <   >  >>