للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللحظات، أيسر من دوام الحسرات» (١).

وبالجملة، فإنَّ ألم الصبر على ترك المعصية أقلُّ وأيسر من آلام وحسرات الآثار التي يجدها العاصي بعد ذلك، والتي لو لم يكن منها إلا أنَّها تضعف وتوهن سير القلب إلى الله، والوحشة العظيمة التي تقع في قلب العاصي، لكفى بهما مصيبةً، فإن لم يشعر العاصي بهاتين العقوبتين، فليبحث عن قلبه؛ فليس له قلبٌ!

* قيل لحذيفة (٢):

أتركت بنو إسرائيل دينها في يومٍ واحدٍ؟ قال: «لا، ولكنَّهم كانوا إذا أمروا بشيءٍ تركوه، وإذا نهوا عن شيءٍ ركبوه، حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه».

يا لها من موعظةٍ مخيفةٍ!

فحذيفة - رضي الله عنه - يبيِّن حقيقةً قد تخفى على بعض الناس، وهي أنَّ الانسلاخ من الإيمان لا يكون فجأةً في الأمَّة، أو الجماعة، ولكنَّه يأتي شيئًا فشيئًا، ولا يظلم ربُّك أحدًا.

إنَّ من أخطر ما تبتلى به الأمة أن تركب ما ركبه بنو إسرائيل، حين تترك الأوامر، أو تركب النواهي، وهذا وإن لم ولن يحدث للأمَّة كلِّها، إلا أنَّه لا يسلم منه بعض الأفراد، وفي كلمة حذيفة تصريحٌ بالسبب العامِّ لهذا الانسلاخ الذي يعاقب به بعض الناس.

ومن الآيات المخيفة التي تتحدَّث عن الانسلاخ من الدِّين قوله


(١) الجواب الكافي (١٥٤).
(٢) السُّنَّة؛ للخلال (٤/ ١١٨).

<<  <   >  >>