للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يهتمُّ بما يستقبله من المكروه، ويجتهد في الطاعات؛ فيكثر عمله.

والثاني: يقلُّ همومه، وهذا بيِّنٌ.

والثالث: يجعله راضيًا بالقليل؛ لأنه إذا علم أنَّه يموت عن قريبٍ، فإنَّه لا يطلب الكثرة؛ وإنَّما يكون همُّه همَّ آخرته.

والرابع: أن ينوِّر قلبه؛ فمن رضي بالقليل، واجتهد في العمل وأخلص، استنار قلبه بإذن ربِّه (١).

* * *

• ومن مواعظ ابن عمر رضي الله عنهما ما رواه تلميذه مجاهدٌ عنه، قال (٢):

سُئل ابن عمر عن فريضةٍ من الفرائض- أي: في علم المواريث- فقال: «لا أدري».

فقيل له: ما منعك أن تجيبه؟ فقال: «سُئل ابن عمر عمَّا لا يدري، فقال: «لا أدري!».

هذا والله من ثمرة العلم المزكِّي! أن يقف الإنسان حيث انتهى علمه، وألَّا يتردَّد في قول: «لا أدري» لما لا يدري؛ فإنَّ القول على الله بغير علمٍ من أعظم الذنوب وأكبرها، كما دلَّ القرآن على ذلك؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣]، وأنت إذا تأمَّلت في هذا الأمر، وجدتَّ أنَّ المشرك إنَّما أشرك لأنَّه قال على الله بغير علمٍ!


(١) ينظر: تنبيه الغافلين؛ للسمرقندي (ص ٢٢٥).
(٢) جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٨٣٥).

<<  <   >  >>