للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذين يجمعون المال من طرقٍ محرَّمةٍ- كالرِّبا، أو الرِّشوة، أو السرقة، أو الغصب، أو غيرها- ثم يتصدَّقون ببعضها ويظنُّون ذلك نافعًا أو مقبولًا! كلَّا! فالله تعالى طيِّبٌ لا يقبل إلا طيِّبًا، ولو أنفق الإنسان المليارات وهي من كسبٍ خبيثٍ، فلا يقبلها الله.

ومن ابتلي بمثل هذه المكاسب المحرَّمة، فعليه أن يتخلَّص منها وفق الطريق الشرعيِّ، وحسب طريقة كسبه؛ فإنَّ المكاسب المحرمة لا تخلو من حالين:

إمَّا أن تكون أعيانها محرمة - كالرِّشوة والغصب والسرقة - فهذه يجب ردُّها إلى من أخذت منه.

وإمَّا أن تكون مكاسبها نتجت من معاملةٍ محرَّمةٍ- كالرِّبا- فهنا يجب التخلُّص من هذه المكاسب المحرَّمة التي طرأت، والاقتصار على رأس المال.

ولا شكَّ أنَّ التخلُّص من الأموال كلَّما كثرت صار أصعب وأشدَّ، ولكنَّ المؤمن إذا تذكَّر عقوبة الله في الآخرة لمن عصاه بأكل الرِّبا، أو أكل حقوق الناس، هان عليه ما يتركه في الدُّنيا، فعذاب الآخرة أشدُّ وأعظم.

إنَّ العناية بطيب المكسب ونقائه كانت قضيةً حاضرةً في منهج الأسلاف- رحمهم الله- لعلمهم اليقينيِّ بخطورتها على القلب، وعلى صحة النفقة، وربَّما على الزوجات والأولاد، حتى قال ابن رجبٍ رحمه الله: «أكل الحلال من أعظم خصائل السُّنَّة التي كان عليها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -» (١).


(١) كشف الكربة (ص ٢٢).

<<  <   >  >>