للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومن مواعظه العمليَّة - رضي الله عنه - (١):

ما رواه عنه نافعٌ أنَّ رجلًا قال لابن عمر: يا خير الناس- أو يا بن خير الناس- فقال ابن عمر:

«ما أنا بخير الناس، ولا ابن خير الناس، ولكنِّي عبدٌ من عباد الله، أرجو الله تعالى وأخافه، والله لن تزالوا بالرَّجل حتى تهلكوه!».

هكذا يربِّي ابن عمر من يسمعه على التواضع، ويوصد أيَّ سببٍ قد يفتح عليه بابًا من العُجب أو الغرور، ولا يعدو أن يقول: «عبدٌ من عباد الله، أرجو الله وأخافه»!

إنَّ من عرف عمله، وعرف ما يجب لله عليه، عرف حقيقة تقصيره.

هكذا يقطع ابن عمر الطريق على المدَّاحين؛ أسوةً بهدية - صلى الله عليه وسلم - الذي كان ينهى عن المدح المبالغ فيه، ويعلِّل ابن عمر هذا فيقول: «والله لن تزالوا بالرَّجل حتى تهلكوه!».

* * *

• ومن مواعظ ابن عمر العمليَّة، ما حدَّث به أبو الزِّناد قال (٢):

«اجتمع في الحجر مصعب بن الزُّبير، وعروة بن الزُّبير، وعبد الله بن الزُّبير، وعبد الله بن عمر، فقالوا: تمنَّوا! فقال عبد الله بن الزبير: أمَّا أنا، فأتمنَّى الخلافة، وقال عروة: أمَّا أنا، فأتمنَّى أن يؤخذ عنِّي العلم، وقال مصعبٌ: أمَّا أنا، فأتمنَّى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين، وقال عبد الله بن عمر: «أمَّا أنا، فأتمنَّى المغفرة»، قال: فنالوا كلُّهم ما تمنَّوا، ولعلَّ ابن عمر قد غفر له».


(١) حلية الأولياء (١/ ٣٠٧).
(٢) حلية الأولياء (١/ ٣٠٩).

<<  <   >  >>