للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: (ليهنك العلم أبا المنذر!) (١).

وثبت في البخاريِّ أنَّه أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ، وكلُّهم من الأنصار.

كان أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - يجلُّه، ويعرف له فضله وعلمه، توفِّي - رضي الله عنه - سنة عشرين للهجرة، وقيل غيرها (٢).

* * *

• لقد نقل لنا الأئمة عن هذا الصاحب الجليل جملةً من المواعظ؛ منها (٣):

أنَّ رجلًا قال لأبيِّ بن كعبٍ: عظني، ولا تكثر عليَّ فأنسى، فقال له:

«اقبل الحقَّ ممَّن جاءك به وإن كان بعيدًا بغيضًا، واردد الباطل على من جاءك به وإن كان حبيبًا قريبًا»، قال: «وآخ الإخوان على قدر تقواهم، ولا تغبط الحيَّ إلا بما تغبط الميِّت»

هذه الموعظة تشكل منهجًا متينًا في التعامل مع الأقوال لا القائلين، فإنَّ عموم الناس يربطون بين الأمرين! وهذا غلطٌ؛ لأنَّ الحقَّ يجب قبوله لكونه حقًّا، أمَّا القائل، فشأنٌ آخر.

والعكس كذلك؛ فإنَّ من الناس من إذا أحبَّ أحدًا قَبِلَ ما يأتي به وإن كان باطلًا! وهذا غلطٌ وخللٌ، فإنَّ الباطل يُردُّ لأنَّه باطلٌ، بغضِّ النظر عمَّن أتى به.

ومن أعظم الشواهد على هذا المعنى، ما أرشدت إليه آية سورة


(١) مسلم ح (٨١٠).
(٢) تنظر ترجمته مطولة في: سير أعلام النبلاء (١/ ٣٨٩).
(٣) حلية الأولياء (٩/ ١٢١).

<<  <   >  >>