للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومن تلكم المواعظ قوله - رضي الله عنه - (١):

«إنَّ العلم كثير، والعمر قصير؛ فخذ من العلم ما تحتاج إليه في أمر دينك، ودع ما سواه فلا تُعانه».

وهذه الوصيَّة الذهبيَّة من أهمِّ ما يحتاجه طلاب العلم، والذين حبِّبت لهم القراءة، ولديهم نَهَمٌ في التوسُّع في الاطِّلاع، والرغبة في التفوُّق في عدَّة تخصُّصاتٍ!

وإذا كان سلمان يقول مثل هذه في زمانه؛ فكيف لو رأى كثرة العلوم في عصورنا المتأخِّرة، وتنوُّع المعارف، ودقَّة التخصُّصات، وكثرة المشاغل؟!

وما أجمل ما وعظ به سلمان صاحبه، بأنَّ ما لا تحتاجه في أمر دينك فلا تُعانه! وأقول: وما لا تحتاجه في أمر دُنياك - إن كان التخصُّص الذي تطلبه دنيويًّا- فأردأ العلوم هو ما لا ثمرة له ولا نفع في دينٍ ولا دنيا.

وقد جلَّى ابن الجوزيِّ في «صيد الخاطر» بعض هذه المعاني حين قال:

«رأيت الشَّره في تحصيل الأشياء يفوِّت الشَّره عليه مقصوده! وكذلك رأينا خلقًا كثيرًا يحرصون على جمع الكتب، فينفقون أعمارهم في كتابتها! فإن قال قائلٌ: أليس في الحديث: «منهومان لا يشبعان: طالب علمٍ، وطالب دنيا»؟ (٢).


(١) حلية الأولياء (١/ ١٨٩).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ح (١٠٣٨٨)، وضعَّف إسناده العراقيُّ في تخريج أحاديث الإحياء (ص ١١٤٢)، والهيثمي في مجمع الزوائد برقم (٥٧١).

<<  <   >  >>