للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا؛ اتَّفق الفقهاء على وجوب تنصيب الإمام، وأجمعوا على تحريم الخروج عليه ولو ظلم وجار، ما لم ير الناس كفرًا بواحًا عندهم فيه من الله برهانٌ، ولديهم القدرة على إزاحته، والنصوص في هذا الباب كثيرةٌ جدًّا.

قال الإمام أبو جعفرٍ الطَّحاويُّ: «ولا نرى الخروج على أئمَّتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعو عليهم، ولا ننزع يدًا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله - عز وجل -، ما لم يأمروا بمعصيةٍ، وندعو لهم بالصلاح والعافية» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

«ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السُّنَّة أنَّهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف، وإن كان فيهم ظلمٌ؛ كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتالٍ ولا فتنةٍ، فلا يدفع (٢) أعظم الفسادين بالتزام أدناهما، ولعلَّه لا يكاد يعرف طائفةٌ خرجت على ذي سلطانٍ، إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته» (٣).

ونصوص الأئمَّة في هذا الباب كثيرةٌ معلومةٌ.

والمراد هنا: أنَّ كلمة عمرو بن العاص هنا غايةٌ في الحكمة، وهي قوله: «يا بُنيَّ، احفظ عنِّي ما أوصيك به: إمامٌ عادل، خيرٌ من مطرٍ وابل،


(١) شرح الطحاوية، تحقيق: الأرناؤوط (٢/ ٥٤٠).
(٢) كذا بالأصل، ولعل صوابها: «فإنه يدفع».
(٣) منهاج السُّنَّة النبوية (٣/ ٣٩١).

<<  <   >  >>