للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن الزُّهريِّ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) (١).

وهذا يقع كثيرًا لبعض الطلبة- خاصةً منهم المبتدئين - حين يسألون عن تفاصيل لا أثر لها، بل لا داعي لها في العلم أو البحث، فيما كان يسمِّيه العلماء: الأغلوطات، وهذا المسلك ممَّا يحرم طالب العلم بركة ما يعلم، ويقطعه عن تحصيل النافع المفيد.

ومن ذلك: ما يقع لبعض الناس من تتبُّع الصغيرة والكبيرة من خصوصيات الناس، فهذا لو لم تأت به الشريعة، لنبذته الفطرة السَّليمة، ولنفرت منه النفوس المستقيمة، وهو ممَّا يوجب العداوة والبغضاء، ويحمل على العدوان بين الناس، وهو في الحقيقة إحدى صور التجسُّس، وتتبع العورات، والفضول من القول والعمل.

وأمَّا الجملة الثانية، فهي قوله: «ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن نفقتك».

وهذه الجملة وثيقة الصلة بالجملة الأولى، ولكنَّها تستحقُّ الإفراد؛ لكثرة ما يدخل على الناس من خللٍ بسبب اللسان.

إنَّ هذه الموعظة تلتقي مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرًا أو ليصمت) (٢).

قال الإمام الشافعيُّ رحمه الله مبيِّنًا معنى هذه الجملة: «إذا أراد أن يتكلَّم فليفكِّر؛ فإن ظهر له أنَّه لا ضرر عليه، تكلَّم، وإن ظهر له فيه ضررٌ أو شكَّ فيه، أمسك».


(١) سير أعلام النبلاء، ط الرسالة (٩/ ٣١٢) ترجمة: زياد بن عبد الرحمن اللخمي.
(٢) البخاري ح (٦٠١٨)، مسلم ح (٤٧).

<<  <   >  >>