للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصالح - رضي الله عنهم -، فهم الذين وعوا عن الله ورسوله خطورة القول عليهما بغير علمٍ، فكان من تمام علمهم قول: لا أدري.

يقول أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه -: من علم الرجل أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم؛ لأنَّ الله - عز وجل - قال لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦] (١).

وصحَّ (٢)، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «العلم ثلاثةٌ: كتابٌ ناطقٌ، وسنَّةٌ ماضيةٌ، و «لا أدري».

قال ابن عجلان رحمه الله: «إذا أغفل العالم «لا أدري»، أصيبت مقاتله» (٣).

وقال أحمد: ليس كلُّ شيءٍ ينبغي أن يُتكلَّم فيه، وذكر أحاديث النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه «كان يسأل فيقول: (لا أدري حتى أسأل جبريل)».

وقال الإمام أحمد مرةً: وددتُّ أنَّه لا يسألني أحدٌ عن مسألةٍ، أو ما شيءٌ أشدَّ عليَّ من أن أُسأل عن هذه المسائل! البلاء يخرجه الرجل عن عنقه ويقلِّدك.

وكلام السلف في هذا الباب لا يحصى كثرةً، والموفَّق من سار على هذا الهدي السليم: يتكلَّم بعلمٍ، ويسكت بعلمٍ، ويفرح إذا كفاه غيره شأن الفُتيا.

رزقنا الله السير على هدي سلفنا الصالح، ومنَّ علينا بالعلم النافع والعمل الصالح.


(١) الآداب الشرعية، والمنح المرعية (٢/ ٥٨)، وحسَّن إسناده ابن مفلح.
(٢) المصدر السابق.
(٣) جامع بيان العلم (١/ ٣٨٠).

<<  <   >  >>