للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ومن مواعظه العمليَّة (١):

أنَّه - رضي الله عنه - حمل قِربةً على عنقه، فقيل له في ذلك، فقال:

«إنَّ نفسي أعجبتني؛ فأردتُّ أن أُذلِّها».

ما أحوج أهل العلم وطلبته - ومن نال شيئًا من أسباب الرِّفعة بين الناس - أن يداووا نفوسهم حين تهوي إلى دركات النيَّات السيِّئة، والأخلاق الرديئة!

هذا عمر - وهو عمر! - يُهدي لنا درسًا عمليًا في تربية النفس حين تصاب بشيءٍ من أدوائها.

فإن قلت: ما الذي أفعله؟ فيقال: كلُّ أعلم بما يُصلح نفسه، وأدرى بسبب العُجب الذي أصابه.

وهذا نموذجٌ عمليٌّ أذكره، فقد قال لي مرةً أحدُ طلبة العلم المشاهير إعلاميًا: إنِّني إذا أعجبتني نفسي، حرصت أن ألبِّي دعوةً لمحاضرةٍ في قريةٍ نائيةٍ؛ لأجل أن أداوي نفسي، فالإعلام والفلاشات - كما يقال - لها أثرها، فلله درُّه!

وللفاروق - رضي الله عنه - كلماتٌ جامعةٌ في الوعظ، أسوق منها قوله:

- لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل عدوَّك، واحتفظ من خليلك إلا الأمين؛ فإنَّ الأمين من القوم لا يعادله شيءٌ، ولا تُصاحب الفاجر فيعلِّمك من فجوره، ولا تفش إليه سرَّك، واستشر في أمرك الذي يخشون الله» (٢).

- وقال - رضي الله عنه -: «عليكم بذكر الله فإنَّه شفاء، وإيَّاكم وذكر الناس


(١) سير أعلام النبلاء (مجلد سير الخلفاء الراشدين/٨٣).
(٢) الزهد؛ لأبي داود (ص١٠٩).

<<  <   >  >>